تــحــيــة..

سـيـكون طـرقـاً على عـتـبـات الـقـلب حضوركـم...
فـأهـمـسوا بوجـد .. فـما مـعـكم لديّ مـثـله.. وينشطر به..

فــتــنــة

فــتــنــة

الجمعة، 19 مارس 2010

من أجـل عيـنـيـه..





ذكرت أن يوماً ما في تاريخي الآزل أحتجب القمر عني..وأن مهاترات الحب التي أتوق إليها بفعل أنوثتي الطاغية بنت سوراً من الفولاذ بيننا..
بينما أنا المنكسرة غالبَ كبريائي الإعتراف بالحزن..
وأدرت للقمر ظهراً صلباً على إستقامته وجه حرب عنيد..
وأستمريت أدفع خطاي للأمام..إلى الجهة التي تعارض حبي المأسور..
ورفضت أن أذرف دمعة واحدة..وأقسمت أن من تتمرد من بين عيناي وتتوق للحالة السلسة لأردمن سيولتها ببخار الغضب.
وأقتل فرحتها بالحرية اليائسة بمسحة من كف صلبة لا تعرف للحنو درباً..
ومضيت أمشي ولا أبالي..
أهدر جمالاً أنوثياً في أعين الدخلاء..
وأحيل خطو الحمام الراقص إلى ضربات قدمي محارب يتهرقل بقسوته..
أدوس بوادر إعجاب شقي تقافز من أعين إعتارها الخجل لجميلة لا تعرف الحب..
فأنثر بقبائل الشعر الأحمر لهيباً يتشعل من حب أخطأ دربه ليقع تحت أقدام غجرية متباهيه..
وأستمر هكذا..لاشيء يحاول المساس بشرف عنيد أدرته حول قلبي..
زاعمة أن للجبل مصيره كجبل..دون أن أذكر أن منها تنبع أطهر أنهار الأرض..
وتُسقي ولا تُغرق..






وبالأمس..الأمس القريب جداً..
داعبني هواء غريب..لذيذ وعذب جداً..
فتخلل في المسافات الصغيرة بين أحجار قلعتي التي غفلت يوماً عن تحصينها..
وأثار فوضى عجيبة..أحال فيها سكون الليل إلى دغدغة شمس خجول..
تعبث بهدوء على سطوح المباني القديمة في قلبي..
وتحيي حباً قد مات منذ أزل..
وأشرقت على عيناه..


فصباح اليوم هذا كان أروع من أكمل به مسيرتي العنيدة..
ومنحت روحي الثائرة قسطاً من الراحة كي تستكين على كفين من قطن..
أدارهما القدر تحت وجنتي هذا الصباح لتسرّب برودة منعشة من تحت غطائي الثقيل الدافيء..


من قال أن الشتاء ليس زمن الحب؟


وأن أزهار الجوي تموت فيه فلا يجد معشوقي ما ينثر به على وسادتي غير ثلج من هوى؟
لأن عيناه اليوم أشعلتا في قلبي شعلة من حنين لأبواب مؤصدة منذ زمن..
وبت أعود للخطو خلفاً..
أدفع قدماي التي جرت قبل أن أدفعها..
وأنا في عجب..فقد أعتقد أن ثقلها تنؤ به الأرض حينما عاكست الطريق..
لكنها كانت تعرف أكثر مني أن لاملجاء لي سوى هنا..
والأشياء كلما أرتفعت لأعلى زاد ثقلها هماً..
لأنها تنؤ بعداً عن الجاذبية..
وأنؤ أنا عن مصيري في أرض القمر..




الآن..
لاشيء يوقف هذا الطوفان في قدري..
شكراً له..
ولعيناه..


حـب في الصـقـيع




الحديث ذو شجون..



إلا إننا حين نلتقي نلتحف ببعضنا..نستمد من تلاحم كتفينا دفئاً يسري المشاعر..ونقتل برودة الجو بفيض من حكوات العشاق..
وأمام كل عاصفة صغيرة تُخلل انفاسها الباردة في المساحة الفاصلة بين عنقينا تشتد قبضة أصابعنا وكأننا نوصد منافذها الصغيرة في وجه الريح..
ويطوِّح البخار المتصاعد من تجاويف شفاهنا المضللة بزرقة ثلجية جنود الهواء الغازي بجرأة دفئنا الحامي..


ونضل لا نحكي عن سواه..
عن دورنا الموجوع في إتقانه..عن تجاربنا الفاشلة في إستكشاف معنى له أسمى مما تخون به خواصُّنا الخاسرة..

فكلانا فاشلان..محبطان..مترعان ببقايا من أنفاس أصحابها الذين قتلتهم أنانيتنا وعجرفتنا في البحث عن الحرية والأنسياب خلف سلسلة من الوهم المعتم بقوتنا الفاخره..


كلانا مجرمان قد عرفنا أن الأرض محورها تحت أقدامنا..وأن الجمال الساكن في الجسدين قادر على إذابة جبال من الكبرياء والكرامة وصهرها في قوالب مكعبة كأطنان من الذهب نكدِّسها في خزائننا المتخمة بدموع أصحاب القلوب الساكنة فيها..


ولا زلنا نكابر أمام الجميع..لا أنا ولا هو نادمين لما جرى..هي حياتنا التي نعزف ولا نعرف..وكما يقول كل مرة حين يزجرنا والدنا لتمادينا في إشقاء العالم :" لم أرغمها على أن تحبني"..وأوافقه على هذا..عدا أن لا أحد يفهمه كأنا..ولا أحد يجرؤ على مواساتي كهو..




وككل ليلة..حين يلتحف الظلام بيتنا الصغير..أستل قدميَّ من فراشهما وأسرق الخطوات بخفية إلى الفناء حيث يرقبني..نسند ظهرينا ونسلّم الريح خصلات الشعر التي شابهت أختها..ثم يسألني السؤال نفسه بداية كل أمسية:

" أحدثَ وأن وقعتِ يوماً في الحب؟!"


أتنفس الهواء البارد بزمجرة متأوه..
ويجترنا الحديث..بلا شجون..




ونبقى..شقيين..وأرديا للحب معنى..






شـطّ الـهـوى..!



حكاياتنا عثراتُ أطفالٍ على شطِ الهوى..
وشموعَ يُشعلها الأمل..
تخبوُ أذا هبَّ الضياءَ وتضيُّ في درب السماءَ معنى الخجل..
وتعودُ تحكي قصتيِ الهيجاءُ كالفجرِ البعيد..
كقلائدٌ هندية.. ومذاهبٌ صوفية..
ونقوشَ حناءٍ بلون الماس ..

خُجلى تكونُ صغيرتي حين اللقاء..
وتذوبُ في كفي كما يحنو الجليد على الهواء..


***


أوَتعرفون..
كيف الوداعُ يكون موجوعَ الفؤاد؟..
أوَتبصرون..
خطواتُ بدويُّ يكللهُ الغرام.. ويزيدهُ شؤماً كما ليلُ السُهاد؟..


***
لعيونَ عُزى تحملُ الأمَ الرضيع..
ولقلبها يبكي شروقَ الشمسِ في فصلِ الربيع..
وكأنها معنىَ الوجود.. أو قصةُ الفتحَ الكبير خلفَ الجبل..


***


أمي هناكَ تخيط ُلي نجمُ السماءِ قلائدً فضية..
وتحيكُ من لونِ الشفق.. ثوباً هلالياً كما يومُ الوعود..
ويذوبُ في خصريِ سلاسلَ من مطر..
لأعودَ مثل أميرةٌ في ليلةِ الجَلاء..
أو عاشقاً يُخفي جُنونهُ تحتَ أثوابِ النِساء..
وأكون أنا ساكناً هناك.. تحت سقف مدينتي..
لأنتظرُ العروس..


جريرة الخـطـيـئة يا ريتا..!!







يحكى أنه ذات ليلة إستجمعت شجاعتي الخاملة زمناً طويلاً..وطفقت أسحب الخطى إلى داره متجاهلة كل الأشياء السيئة التي أمضيت في نسجها عنه دهراً..والتي حكيت للآخرين فيها عن مقدار تفننه في إرتكابها بوقاحة في عرض الآخرين..



وأنا أبتلع ريقي الذي جف من فرط خوفي من بطشه..إذا أن غضبه كما يقال لا يُحتمل..خصوصاً وإن كنت سأسبغ في أذنيه كلاماً كذاك الذي أحمله في داخلي له..عالمة بيقين أن غفرانه بات مستحيلاً في حين إستفحل الكذب مني وغدا ككرة بركانية تقصف في ماضيه الفاخر لتحوله إلى أشياء مرعبة تعمّد إرتكابها لإشباع رغبات شيطانية دنيئة..والدناءة كلها لم تكن إلا في كذباتي الناخرة في جميل فضائله..

وأصابعي شكت للحظة في مصداقية عزمي بتكفير ذاك الذنب..وأن رأسي الصغير يحمل في داخله سماً يعاجلني لإنهاء حياتي على عتبة ذاك الباب..إلا إنها تشجعت ببقايا من صرامتي الحديثة لتضرب الباب بقسوة الخوف وتأنيب الضمير الميت داخلي..




..ثلاث طرقات وأعود..


هذا ما ظننته حول عذر يمكنني تقمصه في حكاية إعتذاري المقصود حين يكتشف أن الفتاة الأرق في الوجود هي ذاتها التي دمرت فخره العريض بقسوة جندي نازي حتى الصميم... الطرقة الثالثة عقبتها ثلاث ثوان من الإنتظار قبل أن أدير عرض ظهري المضطرب للباب للحظات قليلة قبل أن تستقيم إنحناة ظهري الخجولة على قبضة يد قاسية..أعادت لرجف الخوف في قلبي دوياً عظيماً..






-" هـيــه..من أنت؟!.."


لم أرغب قط بالإلتفات ..بدا الصوت مليئاً بجنانز الموت..والأصابع الحديدية تخترق الكتف النحيل وكأنها تبحث عن الذهب في داخله..


( قيل لي قبل زمن طويل أن تلك الأصابع مفرطة في الرقة وهي تخلل ذواتها في الشعر المعتلي روؤس الأطفال المنتمون للميتم بجوار بيته..وأن الكف التي تحملها قوية كفاية لتسند عجائز الحي عبوراً للطريق العسر وسط القرية)






-"لاتبدو فقيراً تسأل..ما تريد يافتى؟!.."


هدأت قسوة أصابعه التي إرتفعت لتربت على رأسي وقد تيقن أن صاحب هذا الجسد الصغير لا يقدر على إيذاء شعرة من رأسه البعيد..


كان جيد جداً إعتقاده بصبيانيتي لأجل تلك الوشايات التي صدقتها من فرط ما أطلقتها..لكنه سيئاً أيضاً لضعف إحتمال فكرة الهرب من أمامه ويده لازالت على قمة رأسي تلف أصابعها الطويلة عليه وتديره تدريجياً لينظر للوجة البائس بخجل مستعر...


-"أنتِ؟!.."


لم أحب أبداً صدمة المعرفة في عينيه وهو يجيل نظرة طولاً وعرضاً في الوجه الملتحف بوجنتين ساخنتين وقد طوقته عمامة تخفي الشعر الطويل..وثياب عريضة كفاية لتخفي تشكيلات الأنوثة في الجسد الصغير أمامه..


كان تردده فضيعاً ومفهوماً في رغبته الشديدة لحمايتي من هكذا مظهر أمام عابري الطريق الواسعة , وبين خجلة الممزوج خوفاً من فكرة إغلاق باب البيت الفارغ علينا وحدنا..


إستغلالية أنا بشكل جيد..لأن تردده كان باب مفتوحاً بفرصة وحيدة لأقول ما بداخلي.. وطفقت بلا هوادة أطلق ما بداخلي من بركان ندم أحرقني لأيام كلما أنجبتي قريحتي السوداء كذبة جديدة تشوه وجهه الوسيم..علّقت عيني في الأرض وأنا أتحدث خشية من تخيل اللكمة العريضة التي ستدور في الهواء لتقع على قمة رأسي..فحديثي يبدو سيئاً جداً مقارنة بخيالاتي حول تلك اللكمة المنصفة في حقي..والظالمة في حق لطافته الشديدة..






حين إنتهيت من سرد وقائع وقاحتي على أذنيه تناهى إلى سمعي شبح ضحكة خفيفة دفعتني لأرفع عيني للفم المنحني لأعلى بإغراء شديد..


-"قلت كل هذا الكلام بنفس واحد!!...ألم يعلموك تقطيع الكلام في المدرسة؟!.."






كانت في داخلي تنهدة إرتياح مملوءة عجباً لقدرته على السخرية في موقف كهذا..ولاح لي طيف أمل في غفرانه الذي أريد..لعلّ ذلك يفتح لي فرصة لإمتلاك قلبه الطاهر..


وكأنه فهم مابداخلي فترجمه إلى تنهدة مسموعة أطارت خيالات قلبي بعيداً..وأثارت تموجات معدتي ألماً وشوقاً لعينيه المعلقتان بلطافة في عيني كاذبة تطمع حالياً بإستئثار حب من كريم الأصل المرتكز على الباب بإهمال..


-"أفهم من هذا أنك تريدين الغفران حبي؟!..سامحتك..فعودي إلى المنزل قبل أن يفتقدك أحد هناك.."






بدا الأمر وكأنه جزء من مسرحية لشكسبير..أن ينطق الحاكم بالعفو عن الجاني..أن تمتلك المجرم رغبة ثائرة لقبيل كريم الأصل بين عينيه..وأن تستدير الأنثى لرغباتها..


كلها إقتبسها شكسبير بترجمة مثالية من إستدارتي العاجلة للهرب من خيالات لكمة أخشى أن تكون واقعاً لحلم الغفران الكبير.. وعلى بعد خطوتين تناهى إلى سمعي ذات الصوت العميق الذي منحني مباركة العفو يسأل..


-"لم فعلتِ بي هذا؟!"..


الإجابة على هذا السوأل أسوأ بكثير من الذنب نفسه..إلا أنني خشيت من عودة تلك اللكمة لرأسي الموجوس وهو يجري بي هرباً..


-" لأني أحبك.."










----------






هذه الليلة لم يعد هناك ما يحكى..فمقعدي المهترئ ملّ من سماع هذه الحكاية..لأقفز منه على عجل حين فتح ذلك الوسيم الباب بقسوة كعادته كل ليلة حين يعود متأخراً يجاهرني بخياناته المتكررة لي مذ سلمني له والدي عروساً قبل عامين من الآن..


وعلى لقيا عينيه الناعستين بتعب أبتلع الألم والكبرياء في سوألي المملوء وجعاً هذه الليلة..


-" لم تفعل بي هذا؟!.."


ليطفو شبح إبتسامة ساخرة على سطح الشفتان المثيرتان بجنون..


-"لأني أحبك.."














أشــقــيــاء !




وأجَري إليَك..

فـخلفِي جُموعٌ مِن الأشـقـياء..

وعينِي دموعٌ وبعضُ رجاء..

وخوفٌ شَديد..

تأصّل في العظمِ حدَّ البقاء..


 وأهفُو إلى إحتِضان الخيال..

وطيفُك فيه ..

يُداعبُ شَوقي..

يُراقِصُ حلمي..

وَيرسِم في شفتيّ كلاماً..

وبعضُ أحتيال..

 


مَضيت أجرّ الأمَانيَ خلفي..

وأرقصُ وحدي ..

على شاطئ من بقايا لقاءٍ قديم عتيد..

وفي رئتي..

نقوشٌ لعطر لمِستهُ يوم إنتسابيي إليك..

وطيفُ الغرامِ على شفتيك..

يُغازل عشقي..

ويغرِس كالزهرِ شوقي إليك..





زمانٌ مضى وإستطال الغياب..

ووجهُك حُلمٌ يجيءُ كثيراً..

وغمازتيك..

تُثير أشتياقي وبعضُ عتاب..

لأهفو إليك..

أعانق صدراً.. وبعض ضباب..


 
***

 
وأجري إليك..

فخلفي جموعٌ من الأشقياء..

وقلبي ستارٌ كما الأتقياء..

وعيني دموع..

وجسدي إرتجاف..

فقد طال فيك أعتكاف الشتاء..




الـثـلاثـاء يا صـيـدا..!



هي ليلة الثلاثاء..والمدرج الرخامي الذي الف وقع حذائي الرزين على أرضه الزجاجية بات في شوق لذاك الكعب العالي..إعتادني كل غروب شمس أثنين..تزحف معي حقيبتي الخفيفة يملأها الشوق كأنا لذلك المنتظر في المدرج الآخر..

على بعد ثلاثة آلاف ميل..ينتظر مني جزءاً يفتقدني حد الجنون..والعينان اليائستان تشرقان هذه الليلة فقط..يعلم أن حبه قادم..وأن تلك المشبعة غروراً حادثته قبل ساعات " أنا قادمة..أشتقت إليك أيها اللعين"

فيضطهدني إرتجاج المقعد الجلدي تحتي..وكأنه يعلم بإرتجاف ذلك الجسد فيمتهن اللعب على الأعصاب نكداً..


وأنا..يخيفني شوق إليك كل أسبوع..وإستباقي الأحد للأثنين..فأحمل حقيبتي التي تعج برائحتك..وأرتدي عقداً ورثته من أمك لتطوق به العنق الأرق في وجودك..وأدعي برجاء.."يارب..أجعل فيه قسوة أحبها"..
عدا أنني أجدك رقيقاً كل مرة..تحتضن جسد زوجتك بهدؤ..وتهمس في أذنها "أحبك" ..فيرتفع العنق الملتف بحبك كبرياءً "أعلم.."..



فأمسي أحادث عيناك الممتلئتان عشقاً للمائلة على الأريكة أمامك..تعبث في أدق خواصّي فترسمها مركبات عجيبة كتلك المادة التي تمتهن تدريسها ولم تفهمها قط..
ويداك تتخللان قبائل الشعر المرفوع لأعلى..وكأنه يتمرد على رغبتك في الإنزلاق على نعومته..فيشابه قلب سيدته كبرياء وعجباً..



تقاتلك مشاعرك المضطربة في إسعادي..فلا تدري أي مسرح يجيد إحتوائنا بحنان أكبر..فالأريكة الدافئة تملأك رعباً من أن يأكلني الضجر فأغادر أرضك قبل شروق الشمس..وبعدها..من يحي فرحتك المقتولة يا وسيم؟..

بيد أنني لم أنوي أن أتركك مطلقاً..أختطف بقايا أنفاسك بسرية خشية أن تعلم أنني متيمة بهوى سيدي..وأن رغبتي في البقاء معك تتجاوز عرض ساحل المدينة..عدا أنك ضعيف دائماً..رقيق جداً..وحبك خائف للغاية..


كل نهارٍ أستيقظ به بجوارك أعلم فيه أن وداعك حان..وأن هذه الإبتسامة المتدرجة على وجهك النائم ستفقدني لأسبوع..فأكره إفسادها وأسحب قدمي بهدؤ يكتنفه التثاقل علّ قوتي تخذلني فأعود للإلتحاف بك مرة أخرى..ولا أستطيع..
فأخرج حقيبتي أدس فيها خفائف ما حملت..وأمسح عن وجهي طيف شغف إعتراه على خجل..



وتصطادني على عتبة الباب..


"ذاهبة؟!.."

 
"نعم.."

ويكتسيك يأس وثق أنه لا أمل في البقاء معاً أكثر..فتذبل عيناك التي اهوى..وتصمت بضعف..
وأنا أتثاقل تجاوز العتبة..أأمل بيأس آخر أن تظهر قسوتك التي أحلم..
فتمسك بي..تشدني إليك..وتهمس.."لن تذهبي اليوم"
عدا أن لا شيء من هذا يحدث..فأستقل سيارة الأجرة التي تمنيت أن أخذل سائقا يوماً على مدخل بيتنا..
وأرفع الأجفان متثاقلة لذلك البائس المطل من أعلى..فيجردني الأمل..ولا آبه..


الليلة..كان علي أن أطرق بالحذاء نفسه الأرض الصلبة..لكن التذكرة الأخيرة قطعتها قبل أسبوع.
حين زرت المقبرة لأطل على الجسد نفسه الذي أحب..
ومع إختلاف المكان..لم تختلف النتيجة..
بقيت أتمنى البقاء معك أكثر..وبقيت لا تجرؤ على إيقافي أبداً..

ذات القـوائـم الـسـود !!





-أقدّر لك كل ذلك..لكن....



-لكن ماذا ريتا؟!..لم أعد أحتمل أكثر من هذا..أريدك حقاً..
oOoOoOoOoOoOo


ألم يكن بإمكان مأساة الحب أن تجافيني هذه الإجازة؟!..تباً..إنها خمسة أيام فقط أستأثر بها لنفسي وروحي راحة تنعشني..وسيدي أسمر الذقن لم يمنح لي هذه الفرصة مطلقاً..


أكره كثيراً أن تفشل مخططاتي..كل ماحملته حقيبتي الصفراء هو قميص نوم صغير وعدّة زينتي..لم أفكر مطلقاً بإحتمالية حاجتي للدفتر الأسود الصغير ولا إلى قائمتي الطويلة..


أعلم تماماً أن حظي سيئاً..لكنه ليس بذاك السوء كي يفاجئني تلك الليلة..حين وقفت أمام المرآة أزيل بقايا الكحل الأزرق من عينيّ وقد إنزلق على جسمي قميص الحرير ذاك..ومرآتي صادقة بإخلاص حين أعطتني في إنعكاسها إنطباعاً عن أنني لم أعد وحدي وأن رائحة عطر رجالي تتخلل النسمات القليلة في غرفتي مخترقة خصلات شعري الثائرة أصلاً لوجوده اللامبالي في حيزي الخاص..
إستكملت إزالة زينتي وأنا أحاول إحتباس حرارة أنفاسي خشية أن تلوث مرآتي فتنعدم ما تبقى من قدرتي على الرؤية بعدما غشت عيني لجّة من دمع غريب..
صمته الغارق في البؤس عاجلني لأنهي الدقائق الثلاث من سدّه لذاك الباب على إلتفاتة تدّعي قسوة لم أكن أريدها بذاك القدر الذي ظهر على وجه لم يكمل إنهاء زينته بعد..
-لاتبدين جميلة جداً بعين واحدة غير ذات كحل عزيزتي...


كان ذلك صوته الدافي الممزوج بسخرية مصطنعة وكأنه يبرر وجودة في مكان لا يجب أن يحتويه..وإن رغب كلانا بذاك الإحتواء..
إلتحفت بالصمت وأنا أعلم أن لا شيء يثير حرجه أكثر من إطباق شفتي الكرز..وقلّبت عيناي في وجهه الممتعض خجلاً وطرفي عينيه يسابقان أصابعه على الإرتجاف وكأنهما يعزفان أوبرا سريعة على أبواب قلبي النابض بشدّة في عروق عنقي المرتفع كبرياء وعجباً..
لكم أحبه..وتفاصيله الفاتنة تموج في داخلي فتجعلني أذوب فيها على مساحة ستة أقدام بيننا.. متناسية أن حجم الغرفة أكبر من ذلك وكأنها تخلّت عن فراغاتها لتطبق علينا وحدنا فتدفعنا إلى بعضنا بسرعة تلك الرغبة فينا إلينا..
تحدث كثيراً..وأنا أتلقى دفعات من هواء عجيب يزاد قوة كلما أطبقت شفتيه على بعضهما ونبرة صوته تختلط في ضوضاء لم أسمعها حين طاردت عيناي يديه المهتزتان بقوة تلك الدفعات أيضاً..


-...... وعليك أن تعلمي أن كل ذلك من أجلك أنتِ فقط..


كانت هذه النبرة الدافئة الوحيدة التي إنتبهت إليها من حديثه الطويل حين لمعت عيناه بشيء أعرفه جيداً وأعرف مقدار خصوصيته لي..وأن ذلك الحب منه لم يكن زيفاً يوحي إلي بوجوب الفكاك من أسر أحبه كثيراً..
ومع ذلك إحتجت لأن أعرف كل ذاك الذي حدث من أجلي فقط والذي أستحققت بأن أظفر لأجله بحب أسمر فاخر مثله..


-أقدّر ذلك حقاً...لكن...


كنت حقاً أريد أن أعرف تلك الأشياء دون أن يعلم أن تفاصيل وجهه الوسيم خلبت لبي في لحظة كان يجب علي فيها أن أكون فتاة جيدة وأحسن الإستماع إليه..


عدا أن سيدي غبي جداً..أحمق بتفوق عال ليعاجلني بغضب أستحقه..
-لكن ماذا ريتا؟!.. لم يعد بإمكاني إحتمال ذلك أكثر.. أرغب بك حقا..



أليس الطيور على أشكالها تقع؟!..هذا أنا وحبيبي الغبي..إذ جاوزته غباءاً حين تجاهلت حجم الحب في داخلي لعينيه وأكتفيت بـ( لم أعد أحتمل أكثر)..
وخوفي لإفتقاد ذاك الذي لم يعد يحتمل أكثر إستحال غضباً أحمقاً..لأحرق كل شيء بسخرية مكابر..



- لم تعد تحتمل!!!...أعذرني عزيزي..أنت لا تعرف معنى للحب


مهما كان يفعل كان يثيرني..حتى إستدارة فمه المصدومة من جوابي الأخير كانت تدفعني للإلتصاق بها..إلا أنني أدرت له ظهراً صلباً..
وأكملت إزالة الكحل من عيني حين خرج ببؤس..
-الآن..لم يعد بإستطاعته قول أنني لست جميلة جداً




وفي العتمة..
أخرجت قائمتي الطويلة..
لأرسم بالكحل الأسود العريض خطاً يخفي الأسم السابع منها..










تـفـاصيل الأسـمـر البـائـس.





على الرغم من الصخب المحيط به..والممتلئ بهجة بحضوره الفاخر..
إلا أنه لازال مستكيناً إلى الصمت في داخله..مستقراً لأبعاد خيالية من كيانه.
لا يراها أحد..ولاهو ذاته...


رفيق الصمت هو ببؤسه الدائم..

مع أن وسامته الليلة فاقت كل الحدود بلمعان الأسود في عينيه وعلى معصميه..

وأصابعه الجميلة تمسك بسيجار كوبي فاخر..عوضاً عن الغليون الذي رافق مناماتي به...


على مدار الأشهر الثمانية من لقاءنا كنّا أنا وهو نشبه بعضنا كثيراً..نلتقي ببؤس يحيط بدائرتنا المغلقة لنتبادل ذرات أكسجين مسروقة من مكان بعيد..

نوهم بعضنا أننا كرماء جداً لنمنح الآخر جزيئات من هواء ندّعي أننا نتخلى عنها من أجله..


و كلانا مخنوقان..لانكاد نجد الأمل لنسد به رمق يأسنا الحافل بترهاتنا عنّا..وأننا وحدنا من يستطيع فهم معنى البؤس في الحياة..

نفترق كثيراً حتى لا نكاد نشتاق لبعضنا..نغرق في نسياننا وتلك الأشياء السيئة التي نسجنا منها شرفة نلتقي فيها حين نكره الحياة..أو بالأصح حين نعود لطبيعتنا في كره الحياة..

ونهذي كثيراً..نتوهم مدرجات الرومان تحتوي آمالنا المتفرجة بتعاسة صراعات أقدارنا مع بعضها..

ونكاد نتكيء على بعضنا في متحف قديم..نستمع إلى ذات الأغنية التي ملّ سكان المقابر من سماعها..

ننشد هراءات خاصة بنا..ونقهقه كثيراً ساخرين من الحظ الذي جلبنا إلى هنا..رأسين وأصطدما ببعضهما..




كلما ألتقينا أُسفِر عن ذراعين من جهنم.. أشّده كثيراً إلى الجنون..أستفز غضبه المردوم تحت أكوام من الموت الكبير..ليرديني إحباطاً تحت عجزه الدائم عن فهم ماذا أريد..وكيف أستقيت من حياته سبباً لأكتب عن رجل أتابع موته الصامت..

وهو سائر في الظلام..لا يعلم كم مرة قادني إلى حافة الجنون ذاته..يستمر في إلقاء معزوفاته على أذني..وأنا التي يخذلني كبريائي..فأرجوه أن لا يعيدها..ولا يتوب.

 
حتى النفق الوحيد الذي شد خناقه معي..شاركني حلم تلك التعاسة..فقط لأنها توافق مبدأه في أن لا جميل في الحياة إلا ماهو بائس ومنهار تماماً..

 
هو ساحر ساخر..يعبث في داخلي العطش بكلمات من جليد..أشعر بها تذوب في دفئي حتى لاتترك لي إلا برودها ألتحف لأجلها بذراعيّ فألتقط بعضاً من حرارة لأنثى تغرق في البؤس مع رجل صامت..

نعرف كثيراً أننا هنا من أجلنا..وأن أجلنا ذاك الذي صُنِعنَا له ملّ منّا ومن إفراطنا في السُكر وتكرار الموت على وسائل شتّى..





هناك..في ذات الحفلة الصاخبة أنثى من مرجان تلتف بحريرها الأزرق..
تحمل كأسين من سائل بلون عينيها.
وتلك الأصابع الجميلة نفسها التي حملت سيجارة إنتهى أجل إشتعالها تناولت الكأس الآخر من يدي..

وذقنه النحيل ينحني ببطء..يوافقني أن أشاركه الإحتفال..


لأنه يعلم أنني وحدي أعرف كيف أحتفل معه..


وأن حفلة الصمت البائس لا يمكن أن تكتمل بدوننا..


لتبقى أعيننا معلقة في الزيتون المتأرجح على سطح كأس المارتينا..


وهي غارقة في مدى آخر..


لا أحد يعرفه..ولا حتى نحن..


يـا عــ ن ــا دي..




تكلّمني عن عنادي..عن الثوره..

عن جنون الهوى وفوره.

عن أفكاري..عن أطواري..

عن إحساسٍ تملّك في خفوقي شي..

عن عيونه اللي شبّت في حياتي ضي..

وسلّمني..أنا بالشوق معذوره..


 

وتحكي لي..يقولون الأهل عني..
" أميرة....لا وأسطورة"

ولا تدري..

أنا شيطان..تماثل للملأ صورة..

أنا طوفان..يلف بحور مسجورة..

أنا دخان..بقايا تحفة مكسورة..

 


أنا في خاطري قصة أبي هالكون يسمعها..

أنا في داخلي غصة عجزت أجيب مدمعها..

وبقيت أجترها أعوام..

ثم أعوام..

ولا ضنيت..يجي لي يوم وأبلعها.

 



أنا ما عدت أبي أعشق ولا أغرم..

أنا مابي أرد للجروح..أعدم..

يكفيني..

كلام اسمعه كل ليله..

ويكذّبني صباحه..

  يا عذاااب الـهـم !! 

 


خطاه الأسود الجافي تهنا بي..

نقش بالحقد من قلبه على بابي..

وأنا كلّي أمل مجروح..

ابي عشق يرد الروح..

وهو فنان..

يعزف لي الشقاء ألوان..

ويغني لي: " خذي عتابي"..





رويت المر من بحر الهوى جرّه..

تجرعت الأسى والضيم مغترّه..
أقول بقلبي الطاهر..جهر سرّه.. :

"عساه يلين طبعه يوم..

ويعرف للغرام سلوم....
ولا أفرح..ولامرة..










تكلمني..ولا أسمع..

و من كاس القهر أجرع..

وأضم الغيظ في صدري..

وأرد الود من بدري..

لأني يا الغلا.. عذري..

أحبه..ولا أبي أخدع..












سيكون هناك الكثير من الحبك هنا..
العديد من الخرائط المبهمة التي لا تصل إلى أي مكان..
ولاتعني أكثر من الجلوس أمام المسرح لمجرّد المعتة..
وقـد يكون.. أو لا يكون.. إستفاقة لحس الإدراك في العقول..
ونعي..ولو بالصدفة شيئاً نأخذه معنا في مجاهيل الحياة..
ينيرنا.. أو يخسف بنـا..


المهم أنّه يؤثّر..

مـن هــي ريــتــا؟!..وما الذي تفعله خارج الوطن..؟



"آآ ريــتــا..!!"
.
كــان هــذا صــوتــ درويــش يــصــدح..!!
وقـد جـاء من أقـصـى الشـمـال يـسـعـى..
.
وفي جـنـبات الوادي.. قــادنــي الولاء لتلبـيـة النـداء..
للخوض في حدّ المجازفة الغائرة كعيون البؤسـاء في إستكشاف المغزى من مطلع النـداء..
.
ما الذي يعنيه( آآ) ليـسـتـهل إسـمي المهدرج بالزيتون والريحان..
ويحيله غـرضـاً للعـبـث من بـعـده على طـاولات النوادي وفي جيوب الأعنياء..
والستائر المهمله على أجساد تدّعي النوم وهي لم تفعل !!.
.
.
ومـنذ شددت رحـلـتي المعنونة بجبين درويش..
أيقنت أنني تجاوزت حدود الأمـان..
وأنّ ما خضته بقلبي كـان لهيباً للحبّ والأدب..
أحترق فيه ببطء.. وأحرق أوراقي معي..
فلا خرائط بعد الآن يارفاق..
إلا حدساً مخطئ لإنثى متعبه..