تــحــيــة..

سـيـكون طـرقـاً على عـتـبـات الـقـلب حضوركـم...
فـأهـمـسوا بوجـد .. فـما مـعـكم لديّ مـثـله.. وينشطر به..

فــتــنــة

فــتــنــة

الجمعة، 19 مارس 2010

جريرة الخـطـيـئة يا ريتا..!!







يحكى أنه ذات ليلة إستجمعت شجاعتي الخاملة زمناً طويلاً..وطفقت أسحب الخطى إلى داره متجاهلة كل الأشياء السيئة التي أمضيت في نسجها عنه دهراً..والتي حكيت للآخرين فيها عن مقدار تفننه في إرتكابها بوقاحة في عرض الآخرين..



وأنا أبتلع ريقي الذي جف من فرط خوفي من بطشه..إذا أن غضبه كما يقال لا يُحتمل..خصوصاً وإن كنت سأسبغ في أذنيه كلاماً كذاك الذي أحمله في داخلي له..عالمة بيقين أن غفرانه بات مستحيلاً في حين إستفحل الكذب مني وغدا ككرة بركانية تقصف في ماضيه الفاخر لتحوله إلى أشياء مرعبة تعمّد إرتكابها لإشباع رغبات شيطانية دنيئة..والدناءة كلها لم تكن إلا في كذباتي الناخرة في جميل فضائله..

وأصابعي شكت للحظة في مصداقية عزمي بتكفير ذاك الذنب..وأن رأسي الصغير يحمل في داخله سماً يعاجلني لإنهاء حياتي على عتبة ذاك الباب..إلا إنها تشجعت ببقايا من صرامتي الحديثة لتضرب الباب بقسوة الخوف وتأنيب الضمير الميت داخلي..




..ثلاث طرقات وأعود..


هذا ما ظننته حول عذر يمكنني تقمصه في حكاية إعتذاري المقصود حين يكتشف أن الفتاة الأرق في الوجود هي ذاتها التي دمرت فخره العريض بقسوة جندي نازي حتى الصميم... الطرقة الثالثة عقبتها ثلاث ثوان من الإنتظار قبل أن أدير عرض ظهري المضطرب للباب للحظات قليلة قبل أن تستقيم إنحناة ظهري الخجولة على قبضة يد قاسية..أعادت لرجف الخوف في قلبي دوياً عظيماً..






-" هـيــه..من أنت؟!.."


لم أرغب قط بالإلتفات ..بدا الصوت مليئاً بجنانز الموت..والأصابع الحديدية تخترق الكتف النحيل وكأنها تبحث عن الذهب في داخله..


( قيل لي قبل زمن طويل أن تلك الأصابع مفرطة في الرقة وهي تخلل ذواتها في الشعر المعتلي روؤس الأطفال المنتمون للميتم بجوار بيته..وأن الكف التي تحملها قوية كفاية لتسند عجائز الحي عبوراً للطريق العسر وسط القرية)






-"لاتبدو فقيراً تسأل..ما تريد يافتى؟!.."


هدأت قسوة أصابعه التي إرتفعت لتربت على رأسي وقد تيقن أن صاحب هذا الجسد الصغير لا يقدر على إيذاء شعرة من رأسه البعيد..


كان جيد جداً إعتقاده بصبيانيتي لأجل تلك الوشايات التي صدقتها من فرط ما أطلقتها..لكنه سيئاً أيضاً لضعف إحتمال فكرة الهرب من أمامه ويده لازالت على قمة رأسي تلف أصابعها الطويلة عليه وتديره تدريجياً لينظر للوجة البائس بخجل مستعر...


-"أنتِ؟!.."


لم أحب أبداً صدمة المعرفة في عينيه وهو يجيل نظرة طولاً وعرضاً في الوجه الملتحف بوجنتين ساخنتين وقد طوقته عمامة تخفي الشعر الطويل..وثياب عريضة كفاية لتخفي تشكيلات الأنوثة في الجسد الصغير أمامه..


كان تردده فضيعاً ومفهوماً في رغبته الشديدة لحمايتي من هكذا مظهر أمام عابري الطريق الواسعة , وبين خجلة الممزوج خوفاً من فكرة إغلاق باب البيت الفارغ علينا وحدنا..


إستغلالية أنا بشكل جيد..لأن تردده كان باب مفتوحاً بفرصة وحيدة لأقول ما بداخلي.. وطفقت بلا هوادة أطلق ما بداخلي من بركان ندم أحرقني لأيام كلما أنجبتي قريحتي السوداء كذبة جديدة تشوه وجهه الوسيم..علّقت عيني في الأرض وأنا أتحدث خشية من تخيل اللكمة العريضة التي ستدور في الهواء لتقع على قمة رأسي..فحديثي يبدو سيئاً جداً مقارنة بخيالاتي حول تلك اللكمة المنصفة في حقي..والظالمة في حق لطافته الشديدة..






حين إنتهيت من سرد وقائع وقاحتي على أذنيه تناهى إلى سمعي شبح ضحكة خفيفة دفعتني لأرفع عيني للفم المنحني لأعلى بإغراء شديد..


-"قلت كل هذا الكلام بنفس واحد!!...ألم يعلموك تقطيع الكلام في المدرسة؟!.."






كانت في داخلي تنهدة إرتياح مملوءة عجباً لقدرته على السخرية في موقف كهذا..ولاح لي طيف أمل في غفرانه الذي أريد..لعلّ ذلك يفتح لي فرصة لإمتلاك قلبه الطاهر..


وكأنه فهم مابداخلي فترجمه إلى تنهدة مسموعة أطارت خيالات قلبي بعيداً..وأثارت تموجات معدتي ألماً وشوقاً لعينيه المعلقتان بلطافة في عيني كاذبة تطمع حالياً بإستئثار حب من كريم الأصل المرتكز على الباب بإهمال..


-"أفهم من هذا أنك تريدين الغفران حبي؟!..سامحتك..فعودي إلى المنزل قبل أن يفتقدك أحد هناك.."






بدا الأمر وكأنه جزء من مسرحية لشكسبير..أن ينطق الحاكم بالعفو عن الجاني..أن تمتلك المجرم رغبة ثائرة لقبيل كريم الأصل بين عينيه..وأن تستدير الأنثى لرغباتها..


كلها إقتبسها شكسبير بترجمة مثالية من إستدارتي العاجلة للهرب من خيالات لكمة أخشى أن تكون واقعاً لحلم الغفران الكبير.. وعلى بعد خطوتين تناهى إلى سمعي ذات الصوت العميق الذي منحني مباركة العفو يسأل..


-"لم فعلتِ بي هذا؟!"..


الإجابة على هذا السوأل أسوأ بكثير من الذنب نفسه..إلا أنني خشيت من عودة تلك اللكمة لرأسي الموجوس وهو يجري بي هرباً..


-" لأني أحبك.."










----------






هذه الليلة لم يعد هناك ما يحكى..فمقعدي المهترئ ملّ من سماع هذه الحكاية..لأقفز منه على عجل حين فتح ذلك الوسيم الباب بقسوة كعادته كل ليلة حين يعود متأخراً يجاهرني بخياناته المتكررة لي مذ سلمني له والدي عروساً قبل عامين من الآن..


وعلى لقيا عينيه الناعستين بتعب أبتلع الألم والكبرياء في سوألي المملوء وجعاً هذه الليلة..


-" لم تفعل بي هذا؟!.."


ليطفو شبح إبتسامة ساخرة على سطح الشفتان المثيرتان بجنون..


-"لأني أحبك.."














ليست هناك تعليقات: