تــحــيــة..

سـيـكون طـرقـاً على عـتـبـات الـقـلب حضوركـم...
فـأهـمـسوا بوجـد .. فـما مـعـكم لديّ مـثـله.. وينشطر به..

فــتــنــة

فــتــنــة

الجمعة، 19 مارس 2010

تـفـاصيل الأسـمـر البـائـس.





على الرغم من الصخب المحيط به..والممتلئ بهجة بحضوره الفاخر..
إلا أنه لازال مستكيناً إلى الصمت في داخله..مستقراً لأبعاد خيالية من كيانه.
لا يراها أحد..ولاهو ذاته...


رفيق الصمت هو ببؤسه الدائم..

مع أن وسامته الليلة فاقت كل الحدود بلمعان الأسود في عينيه وعلى معصميه..

وأصابعه الجميلة تمسك بسيجار كوبي فاخر..عوضاً عن الغليون الذي رافق مناماتي به...


على مدار الأشهر الثمانية من لقاءنا كنّا أنا وهو نشبه بعضنا كثيراً..نلتقي ببؤس يحيط بدائرتنا المغلقة لنتبادل ذرات أكسجين مسروقة من مكان بعيد..

نوهم بعضنا أننا كرماء جداً لنمنح الآخر جزيئات من هواء ندّعي أننا نتخلى عنها من أجله..


و كلانا مخنوقان..لانكاد نجد الأمل لنسد به رمق يأسنا الحافل بترهاتنا عنّا..وأننا وحدنا من يستطيع فهم معنى البؤس في الحياة..

نفترق كثيراً حتى لا نكاد نشتاق لبعضنا..نغرق في نسياننا وتلك الأشياء السيئة التي نسجنا منها شرفة نلتقي فيها حين نكره الحياة..أو بالأصح حين نعود لطبيعتنا في كره الحياة..

ونهذي كثيراً..نتوهم مدرجات الرومان تحتوي آمالنا المتفرجة بتعاسة صراعات أقدارنا مع بعضها..

ونكاد نتكيء على بعضنا في متحف قديم..نستمع إلى ذات الأغنية التي ملّ سكان المقابر من سماعها..

ننشد هراءات خاصة بنا..ونقهقه كثيراً ساخرين من الحظ الذي جلبنا إلى هنا..رأسين وأصطدما ببعضهما..




كلما ألتقينا أُسفِر عن ذراعين من جهنم.. أشّده كثيراً إلى الجنون..أستفز غضبه المردوم تحت أكوام من الموت الكبير..ليرديني إحباطاً تحت عجزه الدائم عن فهم ماذا أريد..وكيف أستقيت من حياته سبباً لأكتب عن رجل أتابع موته الصامت..

وهو سائر في الظلام..لا يعلم كم مرة قادني إلى حافة الجنون ذاته..يستمر في إلقاء معزوفاته على أذني..وأنا التي يخذلني كبريائي..فأرجوه أن لا يعيدها..ولا يتوب.

 
حتى النفق الوحيد الذي شد خناقه معي..شاركني حلم تلك التعاسة..فقط لأنها توافق مبدأه في أن لا جميل في الحياة إلا ماهو بائس ومنهار تماماً..

 
هو ساحر ساخر..يعبث في داخلي العطش بكلمات من جليد..أشعر بها تذوب في دفئي حتى لاتترك لي إلا برودها ألتحف لأجلها بذراعيّ فألتقط بعضاً من حرارة لأنثى تغرق في البؤس مع رجل صامت..

نعرف كثيراً أننا هنا من أجلنا..وأن أجلنا ذاك الذي صُنِعنَا له ملّ منّا ومن إفراطنا في السُكر وتكرار الموت على وسائل شتّى..





هناك..في ذات الحفلة الصاخبة أنثى من مرجان تلتف بحريرها الأزرق..
تحمل كأسين من سائل بلون عينيها.
وتلك الأصابع الجميلة نفسها التي حملت سيجارة إنتهى أجل إشتعالها تناولت الكأس الآخر من يدي..

وذقنه النحيل ينحني ببطء..يوافقني أن أشاركه الإحتفال..


لأنه يعلم أنني وحدي أعرف كيف أحتفل معه..


وأن حفلة الصمت البائس لا يمكن أن تكتمل بدوننا..


لتبقى أعيننا معلقة في الزيتون المتأرجح على سطح كأس المارتينا..


وهي غارقة في مدى آخر..


لا أحد يعرفه..ولا حتى نحن..


ليست هناك تعليقات: